للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذهب (١)، وهو معنى قوله: (إبقاءً على الصِّيانة).

وأمَّا (الصُّعود عن الدناءة)، فهو الرفع عن طرقاتها وأفعالها.

وأمَّا (التخلُّص عن اقتحام الحدود)، فالحدود هي النِّهايات، وهي مقاطع الحلال والحرام، فحيث ينقطع وينتهي فذلك حدُّه، فمن اقتحمه وقع في المعصية.

وقد نهى الله سبحانه عن تعدِّي حدوده وقربانها فقال: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: ١٨٧] و {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: ٢٢٩]، فإنَّ الحدود يراد بها أواخر الحلال وأول الحرام، فحيث نهى عن التعدِّي فالحدود هناك أواخر الحلال، وحيث نهى عن القربان فالحدود هناك أوائل الحرام. يقول سبحانه: لا تتعدَّوا ما أبحتُ لكم، ولا تقربوا ما حرَّمتُ عليكم. فالورع يخلِّص العبدَ من قربان هذه وتعدِّي هذه، وهو اقتحام الحدود.

قال (٢): (الدرجة الثالثة: التّورُّع عن كلِّ داعيةٍ تدعو إلى شتات الوقت، والتعلُّق بالتفرُّق، وعارضٍ يعارض حال الجمع).

الفرق بين شتات الوقت والتعلُّق بالتفرُّق كالفرق بين السبب والمسبَّب والنفي والإثبات، فإنَّه يتشتَّت وقتُه فلا يجد بدًّا من التعلُّق بما سوى مطلوبه الحقِّ، إذ لا تعطيل في النفس ولا في الإرادة، فمن لم يكن الله مرادَه أراد ما سواه. ومن لم يكن هو وحده معبودَه عبد ما سواه. ومن لم يكن عمله لله فلا


(١) في ع: «أن يطفأ ويذهب».
(٢) «المنازل» (ص ٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>