للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدَّ أن يعمل لغيره، وقد تقدَّم هذا (١).

فالمخلص يصونه الله بعبادته وحدَه وإرادةِ وجهه، وخشيته وحده ورجائه وحده، والطلبِ منه والذلِّ له والافتقار إليه= عن عبادة غيره وإرادته، وخشيته ورجائه، والطلب منه والذل له والافتقار إليه (٢).

وإنَّما كان هذا أعلى من الدرجة الثانية لأنَّ أربابها مشتغلون بحفظ الصِّيانة من الكدر وملاحظتها، وذلك عند أهل الدرجة الثالثة تفرُّقٌ عن الحقِّ واشتغالٌ عن مراقبته بحال نفوسهم، فأدب أهل هذه الدرجة أدب حضورٍ، وأدب أولئك أدب غيبةٍ.

وأمَّا (الورع عن كلِّ حالٍ يعارض حالَ الجمع)، فمعناه أن يستغرق العبدَ شهودُ فنائه في التوحيد وجمعيَّتُه على الله تعالى فيه عن كلِّ حالٍ يعارض هذا الفناء والجمعيَّة.

وهذا عند الشيخ لمَّا كان هو الغايةَ التي ليس بعدها مطلبٌ جعل كلَّ حالٍ يعارضها ويقطع عنها ناقصًا بالنِّسبة إليها، فالرغبة عنه عينُ (٣) ورع صاحبها. وقد عرفت ما فيه، وأنَّ فوق هذا مقامٌ (٤) أرفع منه وأعلى، وهو الورع عن كلِّ حظٍّ يزاحم مراده منك، ولو كان الحظُّ فناءً أو جمعيَّةً أو كائنًا ما كان. وبيَّنَّا أنَّ الفناء والجمعية حظُّ العبد، وأنَّ حقَّ الربِّ وراء ذلك، وهو


(١) (١/ ٢٥٢).
(٢) «عن عبادة غيره ... والافتقار إليه» ساقط من ع.
(٣) في النسخ عدا الأصل، ل، ع: «غير»، تصحيف يُفسد المعنى، ولعل منشأه أن رسمها في الأصل، ل محتمل غير محرَّر.
(٤) كذا في النسخ بالرفع.

<<  <  ج: ص:  >  >>