للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفرقة عذاب» (١).

والقول الثاني: التحدُّث بالنِّعمة المأمور به في هذه الآية هو الدعوة إلى الله، وتبليغ رسالته، وتعليم الأمَّة. قال مجاهدٌ: هي النبوَّة. قال الزجَّاج: أي بلِّغ ما أُرسلتَ به، وحدِّث بالنبوَّة التي آتاك الله. وقال الكلبيُّ: هو القرآن، أمره أن يقرأه (٢).

والصواب أنَّه يعمُّ النّوعين، إذ كلٌّ منهما نعمةٌ مأمورٌ بشكرها والتحدُّثِ بها، وإظهارُها من شكرها.

قوله: (وهو أيضًا من سبل العامَّة)، يا ليت الشيخ صان كتابه عن هذا التعليل وجَعْلِ نصف الإسلام والإيمان من أضعف السبيل.

بل الشُّكر سبيل رسل الله وأنبيائه وأخصِّ خلقه وأقربهم إليه. ويا عجبًا، أيُّ مقامٍ أرفع من الشُّكر الذي يندرج فيه جميع مقامات الإيمان، حتى المحبَّة والرِّضا والتوكُّل وغيرها؟! فإنّ الشُّكر لا يصحُّ إلا بعد حصولها. وتالله ليس لخواصِّ الله وأهلِ القُرب منه سبيلٌ أرفع من الشُّكر ولا أعلى.

ولكن الشيخ وأصحاب الفناء كلَّهم يرون أن فوق هذا مقامًا أجلَّ منه


(١) أخرجه عبد الله في زوائد «مسند أبيه» (١٨٤٤٩) والبزار (٣٢٨٢) والطبراني في «الكبير» (٢١/ ٨٤، ٨٥) والثعلبي في «الكشف والبيان» (٢٩/ ٥١٨) ــ ومن طريقه البغوي في «المعالم» (٨/ ٤٥٩) والمؤلف صادر عنه ــ والبيهقي في «الشعب» (٨٦٩٨) من حديث النعمان بن بشير بإسناد حسن غريب. انظر: «التاريخ الكبير» للبخاري (٩/ ٥١) و «الجرح والتعديل» (٩/ ٤٠٣).
(٢) النقل من «معالم التنزيل» (٨/ ٤٥٨). وقول مجاهد أسنده الطبري (٢٤/ ٤٩٠). وقول الزجاج في «معانيه» (٥/ ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>