للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل

ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة الغنى العالي.

وهو نوعان: غنًى بالله، وغنًى عن غير الله، وهما حقيقة الفقر. ولكنّ أرباب الطّريق أفردوا للغنى منزلةً.

قال صاحب «المنازل» - رحمه الله - (١): (باب الغنى. قال الله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: ٨]).

وفي الآية ثلاثة أقوالٍ (٢):

أحدها: أنّه أغناه من المال بعد فقره. وهذا قول أكثر المفسِّرين. لأنّه قابله بقوله: «عائلًا»، والعائل هو المحتاج، ليس ذا العَيْلة، فأغناه.

والثّاني: أنّه رضَّاه بما أعطاه، وأغناه به عن سواه. فهو (٣) غنى قلبٍ ونفسٍ، لا غنى مالٍ. وهو حقيقة الغنى.

والثّالث وهو الصّحيح: أنّه يعمُّ نوعَي الغنى؛ فأغنى قلبَه وأغناه من المال.

ثمّ قال (٤): (الغنى اسمٌ للملك التّامِّ).

يعني: أن من كان مالكًا من وجهٍ دون وجهٍ فليس بغنيٍّ، وعلى هذا فلا يستحقُّ اسم الغنيّ بالحقيقة إلّا الله، وكلُّ ما سواه فقيرٌ إليه بالذّات.


(١) (ص ٥٧).
(٢) انظر: «تفسير البغوي» (٤/ ٤٩٩)، و «زاد المسير» (٩/ ١٥٩، ١٦٠).
(٣) د: «فهي».
(٤) «المنازل» (ص ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>