للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين قومٍ فاسدين، وصاحب علمٍ ومعرفةٍ بين قومٍ جهّالٍ، وصاحب صدقٍ وإخلاصٍ بين أهل كذبٍ ونفاقٍ، فإنّ صفات هؤلاء وأحوالهم تنافي صفات من هم بين أظهرهم، فمثل هؤلاء بين أولئك كمثل الطائر الغريب بين الطَّير (١)، والكلب الغريب بين الكلاب.

والصِّدِّيق هو الذي صدَق في قوله وفعله، وصدّق الحقَّ بقوله وعمله، فقد انجذبت قواه كلُّها للانقياد لله ورسوله، عكس المنافق الذي ظاهره خلاف باطنه وقوله خلاف عمله.

فصل

قال (٢): (الدّرجة الثّالثة: غُربة الهمّة، وهي غربةُ طلب الحقِّ، وهي غربة العارف؛ لأنّ العارف في شاهده غريبٌ، ومصحوبه في شاهده غريبٌ، وموجوده فيما (٣) يحمله علمٌ أو يظهره وجدٌ، أو يقوم به رسمٌ، أو تُطِيقُه إشارةٌ، أو يشمله اسم غريبٍ، فغربة العارف غربة الغربة؛ لأنّه غريب الدُّنيا والآخرة (٤)).

إنّما كانت هذه الدّرجة أعلى ممّا قبلها، لأنّ الغربة (٥) الأولى غُربةٌ بالأبدان. والثّانية: غربةٌ بالأفعال والأحوال. وهذه الثّالثة: غربةٌ بالهِمَم. فإنّ


(١) ر: «الطير الغريب بين الطيور».
(٢) «المنازل» (ص ٨٨).
(٣) ر: «لا».
(٤) في المنازل: «وغريب الآخرة» وهو كذلك فيما سينقله المؤلف (ص ٨٤).
(٥) ت: «المعرفة».

<<  <  ج: ص:  >  >>