للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

همّة العارف حائمةٌ حول معروفه، فهو غريبٌ في أبناء الآخرة، فضلًا عن أبناء الدُّنيا، كما أنّ طالب الآخرة غريبٌ في أبناء الدُّنيا.

قوله: (لأنّ العارف في شاهده غريبٌ) شاهد العارف: هو الذي يشهد عنده وله بصحّة (١) ما وجَدَ وأنّه كما وجَدَ، وبثبوت ما عَرَف وأنّه كما عرَف.

وهذا الشّاهد أمرٌ يجِدُه مِن قلبه، وهو قُربه من الله، وأُنْسُه به، وشدّة شوقه إلى لقائه وفرحه به، فهذا شاهده في سرِّه وقلبِه.

وله شاهدٌ في حالِه وعملِه، يُصدِّق هذا الشّاهد الذي في قلبه.

وله شاهدٌ في قلوب الصّادقين، يصدِّق هذين الشّاهدين، فإنّ قلوب الصّادقين لا تشهد بالزُّور البتّة، فإذا خَفِي عليك شأنُك وحالُك، فسل عنك قلوبَ الصّادقين تشهد (٢)؛ فإنّها تخبرك عن حالك.

قوله: (ومصحوبه في شاهده غريبٌ) مصحوبه في شاهده، هو الذي يصحبه فيه من العلم والعمل والحال، وهو غريبٌ بالنِّسبة إلى غيره ممّن لم يُطِق طعمَ هذا الشّأن، بل هو في وادٍ وأهله في وادٍ.

قوله: (وموجوده فيما يحمله علمٌ .. إلى آخره) يريد بموجوده ما يجده في شهوده وجدانًا ذاتيًّا حقيقيًّا في هذه المراتب المذكورة؛ لأنّ الشُّهود يشملها كلُّها حالة (٣) المشاهدة.


(١) ش، د: «بصحبة».
(٢) ليست في ت، ر.
(٣) د: «حال».

<<  <  ج: ص:  >  >>