للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا ذكر ذنوبه تنفَّس بالخوف، وإذا ذكر رحمة ربِّه وسعةَ مغفرته وعفوه تنفّس بالرّجاء، وإذا ذكر جلاله وجماله وكماله وإحسانه وإنعامه تنفّس بالحبِّ.

فلْيزِن العبد إيمانَه بهذه الأنفاس الثّلاثة، ليعلم ما معه من الإيمان، فالقلوب مفطورةٌ على حبِّ الجمال والإجمال، والله سبحانه جميلٌ، بل له الجمال التّامُّ الكامل من جميع الوجوه: جمال الذّات، وجمال الصِّفات، وجمال الأفعال، وجمال الأسماء. وإذا جُمِع جمال المخلوقات كلّها على شخصٍ واحدٍ، ثمّ كانت جميعها على جمال ذلك الشّخص الواحد، ثمّ نُسِب هذا الجمال إلى جمال الرّبِّ سبحانه= كان أقلَّ من نسبة سراجٍ ضعيفٍ إلى عين الشّمس.

فالنّفس الصّادر عن هذه الملاحظة والمطالعة أشرفُ أنفاس العبد على الإطلاق، فأين نفس المشتاق المحبِّ الصّادق إلى نفس الخائف الرّاجي؟ ولكن لا يحصل له هذا النّفس إلّا بتحصيل ذينك النّفسينِ، فإنّ أحدهما ثمرة تركه للمخالفات، والثّاني: ثمرة فعله للطّاعات، فمن هذين النّفسينِ يصل إلى النّفس الثّالث.

فصل

قال (١): (الحياة الثّانية: حياة الجمع من موت التّفرقة، ولها ثلاثة أنفاسٍ: نفس الاضطرار، ونفس الافتقار، ونفس الافتخار).

مراده ــ إن شاء الله ــ بالجمع في هذه الدّرجة: جمعُ القلب على الله،


(١) «المنازل» (ص ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>