للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظيرُ هذا: هدايتُه لعبده قبل الاهتداء، فيهتدي بهدايته، فتوجب له تلك الهدايةُ هدايةً أخرى يُثيبه (١) الله بها على هدايته، فإنَّ من ثواب الهدى الهدى بعده، كما أنَّ من عقوبة الضَّلالةِ الضَّلالةَ بعدها. قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: ١٧] فهداهم أولًا فاهتدوا، فزادهم هدًى ثانيًا. وعكسُه في أهل الزّيغ كقوله: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥] فهذه الإزاغةُ الثَّانيةُ عقوبةٌ (٢) على زيغهم.

وهذا القدرُ من سرِّ اسمه الأوّل الآخر (٣)، فهو المُعِدُّ وهو المُمِدُّ، ومنه السَّببُ والمسبَّبُ، وهو الذي يعيذ من نفسه بنفسه، ويُجير من نفسه بنفسه، كما قال أعرفُ الخلق به: "وأعوذ بك منك" (٤). والعبد توّابٌ، والله توّابٌ. فتوبةُ العبد رجوعُه إلى سيِّده بعد الإباق، وتوبةُ الرَّبِّ (٥) نوعان: إذنٌ وتوفيقٌ، وقبولٌ واعتداد (٦).

فصل

والتّوبةُ لها مبدأٌ ومنتهًى. فمبدؤها: الرُّجوعُ إلى الله بسلوك صراطه المستقيم الذي نصَبه لعباده موصلًا إلى رضوانه، وأمرَهم بسلوكه بقوله:


(١) ما عدا ش، ع: "يثبِّته"، تصحيف.
(٢) بعده في ش زيادة: "لهم".
(٣) ع: "الأول والآخر".
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) ع: "وتوبة الله".
(٦) ش: "اغتفار"، وفي الطبعات القديمة: "إمداد"، والصواب ما أثبت من النسخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>