للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى، وأنّه لم تباشره روحُ محبَّته ومعرفته، ولم يذق حلاوة التعلُّق به والطُّمأنينة إليه.

قوله: (وأن تدوم لائمته لنفسه) فهو أنَّ صاحب هذا المنزل لا يرضى عن نفسه، وهو مبغضٌ لها متمنٍّ لمفارقتها.

والمراد بالنَّفس (١) عند القوم: ما كان معلولًا من أوصاف العبد، مذمومًا من أخلاقه وأفعاله، سواءٌ كان ذلك كسبيًّا له أو خلقيًّا؛ فهو شديد اللّائمة لها. وهذا أحد التأويلين في قوله تعالى: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: ٢]، قال سعيد بن جبيرٍ وعكرمة: تلوم على الخير والشرِّ، ولا تصبر على السرَّاء ولا على الضرَّاء.

وقال قتادة: اللوَّامة (٢) الفاجرة.

وقال مجاهد: تندم على ما فات وتقول: لو فعلتُ! ولو لم أفعل!

وقال الفرَّاء: ليس من نفسٍ برَّةٍ ولا فاجرةٍ إلا وهي تلوم نفسها، إن كانت عملت خيرًا قالت: هلَّا زدت! وإن عملت شرًّا قالت: ليتني لم أفعل!

وقال الحسن: هي النفس المؤمنة؛ إنَّ المؤمن واللهِ ما تراه إلَّا يلوم نفسه: ما أردت بكلامي؟ ما أردت بأكلتي (٣)؟ وإنَّ الفاجر يمضي قُدمًا قُدمًا ولا يحاسب نفسه ولا يعاتبها.


(١) ل: «اليقين»، تحريف.
(٢) في ع زيادة: «هي».
(٣) ع: «بكلمة كذا ... بأكلة كذا» وبعده زيادة: «ما أردت بكذا؟ ما أردت بكذا؟». وكلُّ ذلك مخالف لما في مصدر المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>