للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مقاتلٌ (١): يعني اشكر ما ذُكِر من النِّعم عليك في هذه السُّورة مِن: جبر اليتم، والهدى بعد الضَّلالة، والإغناء بعد العيلة.

والتحدُّث بنعمة الله شكرٌ، كما في حديث جابرٍ مرفوعًا: «من صُنع إليه معروفٌ فليَجزِ به، فإن لم يجد ما يجزي فليُثنِ عليه، فإنَّه إذا أثنى عليه فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره، ومن تحلَّى بما لم يُعطَ كان كلابس ثوبَي زورٍ» (٢).

فذكر أقسام الخلق الثلاثة: شاكر النِّعمة المثني بها. والجاحد لها الكاتم لها. والمظهر أنَّه من أهلها وليس من أهلها، فهو متحلٍّ بما لم يُعطَه.

وفي أثرٍ آخر مرفوعٍ: «من لم يشكرِ القليلَ لم يشكرِ الكثير، ومن لم يشكرِ الناس لم يشكرِ الله، والتحدُّث بنعمة الله شكر، وتركه كفر، والجماعة رحمةٌ


(١) ابن سليمان في «تفسيره» (٣/ ٤٩٥). والمؤلف صادر عن «المعالم» للبغوي (٤/ ٤٥٨).
(٢) أخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (٢١٥) وأبو داود (٤٨١٣) والترمذي (٢٠٣٤) وابن حبان (٣٤١٥) والبغوي في «المعالم» (٨/ ٤٥٩) ــ واللفظ له ــ من حديث شُرَحبيل بن سعد عن جابر. وشُرحبيل ضعيف، ووقع في رواية الترمذي مكانه «أبو الزبير»، وهو خطأ من أحد الرواة. وله طريق أخرى عن جابر عند أبي داود (٤٨١٤) بلفظ: «مَن أُبلي بلاءً فذكره فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره»، وإسناده جيِّد.
ولأول الحديث شاهد من حديث ابن عمر عند أحمد (٥٣٦٥) وأبي داود (١٦٧٢) والنسائي (٢٥٦٧) والروياني (١٤١٩) وابن حبان (٣٤٠٨) والبيهقي (٤/ ١٩٩) وغيرهم بإسناد صحيح، وفي عامَّة رواياته الأمر بالدعاء له ــ بدل الثناء عليه ــ عند عدم وجود ما يكافئه به. ولآخر الحديث شاهد من حديث أسماء عند البخاري (٥٢١٩) ومسلم (٢١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>