للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومراده بذلك: القرب وارتفاع الوسائط المانعة منه. ولا ريب أنَّ العبد يَقرُب من ربِّه، والربُّ يقرُب من عبده، فأمَّا قرب العبد فكقوله تعالى: {تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩]، وكقوله في الأثر الإلهيِّ: «من تقرَّب منِّي شبرًا تقرَّبتُ منه ذراعًا» (١)، وكقوله: «وما تقرَّب إليَّ عبدي بمثل أداء ما افترضتُ عليه، ولا يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، فبي يسمع، وبي يُبصر، وبي يبطش، وبي يمشي» (٢).

وفي الحديث الصحيح: «أقرب ما يكون الربُّ من عبده في جوف اللَّيل الأخير (٣)» (٤).

وفي الحديث أيضًا: «أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجدٌ» (٥).

وفي الحديث الصحيح لمَّا ارتفعت أصواتهم بالتكبير مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في السّفر فقال: «يا أيُّها النّاس، ارْبَعُوا على أنفسكم، إنَّكم لا تدعون أصمَّ ولا


(١) أخرجه البخاري (٧٤٠٥) ومسلم (٢٦٧٥) من حديث أبي هريرة. وأخرجه مسلم (٢٦٨٧) أيضًا من حديث أبي ذر، وهذا لفظه.
(٢) أخرجه البخاري (٦٥٠٢) من حديث أبي هريرة دون قوله: «فبي يسمع ... » إلخ، فإنه لم يُروَ مسندًا كما سبق بيانه (١/ ٤٠٨).
(٣) م، ش: «الآخر»، وهو لفظ مصادر التخريج.
(٤) أخرجه الترمذي (٣٥٧٩) والنسائي (٥٧٢) وابن خزيمة (١١٤٧) والحاكم (١/ ٣٠٩) من حديث أبي أمامة عن عمرو بن عبسة السُّلَمي. قال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.
(٥) أخرجه مسلم (٤٨٢) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>