للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غائبًا، إنَّ الذي (١) تدعونه سميع قريب، أقرب (٢) إلى أحدكم من عنق راحلته» (٣).

فعبَّر الشيخ - رحمه الله - عن طلب القرب منه، ورفض الوسائط الحائلة بينه وبين القرب المطلوب الذي لا تَقَرُّ عيون عابديه وأوليائه إلَّا به= بالاستحذاء. وحقيقته: موافاة العبد إلى حضرته وقدَّامه وبين يديه، عكس حال من نبذه وراءه ظِهريًّا وأعرض عنه ونأى بجانبه، بمنزلة من ولَّى المطاعَ ظهره ومال بشقِّه عنه.

وهذا أمر لا يدرَك معناه إلَّا بوجوده وذوقه، وأحسن ما يعبَّر عنه بالعبارة النبويَّة المحمديَّة، وأقرب عبارات القوم عنه: أنَّه التقرُّب (٤) برفع الوسائط التي بارتفاعها يحصل للعبد (٥) حقيقة التعظيم، فلذلك قال: (الاستحذاء له تعظيمًا).

ومن أراد فهم هذا كما ينبغي فعليه بفهم اسمه تعالى «الباطن» وفهم اسمه «القريب» مع امتلاء القلب بحبِّه ولهج اللِّسان بذكره، ومن هاهنا يؤخذ العبد إلى الفناء الذي كان مشمِّرًا إليه عاملًا عليه.

فإن كان مشمِّرًا إلى الفناء المتوسِّط، وهو الفناء عن شهود السِّوى، لم


(١) غير محرَّر الرسم في الأصل، فتصحَّف في ل، م إلى: «الذين».
(٢) «أقرب» ساقط من ل.
(٣) أخرجه أحمد (١٩٥٩٩) ــ واللفظ به أشبه ــ والبخاري (٢٩٩٢) ومسلم (٢٧٠٤) من حديث أبي موسى الأشعري.
(٤) ع: «التقريب».
(٥) كذا في ع، وتصحَّف في سائر النسخ إلى: «ويعبد».

<<  <  ج: ص:  >  >>