للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له، وإنّما منعه ما هو مجرَّد فضله وعطائه، وهو أعلم حيث يضعه وأين يجعله (١).

فمتى شهد العبد هذا المشهد وأعطاه حقَّه، علم ضرورته وفاقته (٢) إلى التَّوفيق كلَّ نَفَسٍ وكلَّ لحظةٍ وطرفةِ عينٍ، وأنَّ إيمانه وتوحيده ممسَكٌ بيَدِ غيره، لو تخلَّى عنه طرفة عينٍ (٣) لثُلَّ عرشُه (٤) ولخرَّت سماءُ إيمانه على الأرض، وأنّ الممسك له مَن يُمسك السماء أن تقع على الأرض إلَّا بإذنه، فهجِّيرى قلبه ودأبُ لسانه: يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلبي على دينك، يا مصرِّف القلوب صرِّف قلبي إلى طاعتك، ودعواه (٥): يا حيُّ يا قيُّوم، يا بديع السّماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلَّا أنت، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كلَّه ولا تكلني إلى نفسي طرفة عينٍ ولا إلى أحدٍ من خلقك (٦).

ففي هذا المشهد يشهد توفيق الله وخذلانه، كما يشهد ربوبيّته وخلقه، فيسأله توفيقه مسألة المضطرِّ، ويعوذ به مِن خذلانه عياذَ الملهوف، ويُلقي نفسه بين يديه طريحًا ببابه مستسلمًا له، ناكسَ الرأس بين يديه، خاضعًا ذليلًا مستكينًا، لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشورًا.


(١) ش: «يضعه».
(٢) ع: «وحاجته».
(٣) «وأن إيمانه ... طرفة عين» سقط من ج، ن لانتقال النظر.
(٤) ع: «عرشُ توحيده».
(٥) ج، ن: «دعاؤه».
(٦) أكثر ألفاظها أدعية مأثورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>