للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الآخر:

امتلأ الحوضُ وقال قَطْني ... مهلًا رويدًا قد ملأتُ بطني (١)

ويسمّى هذا شهادةً أيضًا، كما في قوله تعالى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [التوبة: ١٧]. فهذه شهادةٌ منهم على أنفسهم بما يفعلونه من أعمال الكفر وأقواله، فهي شهادةٌ بكفرهم، وهم شاهدون على أنفسهم بما شهدت به.

والمقصود: أنَّه سبحانه يشهد (٢) بما جعل آياته المخلوقةَ دالّةً عليه، فإنَّ دلالتها إنّما هي بخلقه وجعله، ويشهد بآياته القوليّة الكلاميّة المطابقة لما شهدت به آياتُه الخلقيّة، فتتطابق شهادةُ القول وشهادةُ الفعل، كما قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت: ٥٣]، أي أنّ القرآن حقٌّ. فأخبر أنّه يدلُّ بآياته الأفقيّة والنَّفسيّة على صدق آياته القوليّة الكلاميّة.

وهذه الشّهادة الفعليّة قد ذكرها غيرُ واحدٍ من أئمّة العربيّة والتّفسير. قال


(١) الرَّجز دون عزو في «مجالس ثعلب» (١/ ١٥٨)، و «إصلاح المنطق» (ص ٥٧، ٣٤٢)، و «الكامل للمبرد» (٢/ ٦١٥)، و «تفسير الطبري» (٢/ ٥٤٦ - شاكر) وغيره.
(٢) في ت هنا وفيما يلي: «شهد».

<<  <  ج: ص:  >  >>