للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبفعله أخرى.

فالقول هو ما أرسل به رسلَه، وأنزل به كتبَه، ممّا قد عُلِمَ بالاضطرار. وإنَّ جميعَ الرُّسل أخبروا عن الله أنّه شهد لنفسه بأنّه لا إله إلّا هو، وأخبر بذلك، وأمرَ عباده أن يشهدوا به. وشهادتُه سبحانه أنه لا إله إلّا هو معلومةٌ من جهة كلِّ من بلَّغ عنه كلامَه.

وأمّا بيانُه وإعلامُه بفعله، فهو ما تضمّنه خبرُه تعالى عن الأدلّة الدّالّة على وحدانيّته التي يُعلَم (١) دلالتها بالعقل والفطرة. وهذا أيضًا يُستعمَل فيه لفظُ الشَّهادة، كما يُستعمَل فيه لفظُ الدّلالة والإرشاد والبيان، فإنّ الدّليل يبيِّن المدلولَ عليه ويُظهره، كما يبيِّنه الشّاهد المخبر؛ بل قد يكون البيانُ بالفعل أظهر وأبلغ.

وقد يسمّى شاهدُ الحال نطقًا وقولًا وكلامًا، لقيامه مقامَه وأدائه مؤدَّاه، كما قيل:

وقالت له العينانِ سمعًا وطاعةً ... وحدَّرتا كالدُّرِّ لمّا يثقَّبِ (٢)

وقال الآخر:

شكا إليَّ جملي طولَ السُّرى ... صبرًا جميلًا فكلانا مبتلى (٣)


(١) كذا في ش، د، ت، والمصدر يذكر ويؤنث.
(٢) لم يعرف قائله. وقد استشهد به في «الخصائص» (١/ ٢٣)، و «تمهيد الأوائل» للباقلاني (ص ٢٧٣)، و «الانتصار» له (٢/ ٧٨٨) ــ والقافية فيهما: ينضَّد/ ينظَّم ــ و «المحكم» (٦/ ٣٤٧)، و «أمالي ابن الشجري» (٢/ ٥١).
(٣) ش، د: «صبرٌ جميلٌ»، وهي رواية سيبويه (١/ ٣٢١)، و «مجاز القرآن» (١/ ٣٠٣). وفي «معاني القرآن» للفراء (٢/ ٥٤، ١٥٦) كما أثبت من ت. ومثله في «تفسير الطبري» (١٥/ ٣٤٨) و «معاني الزجاج» (٣/ ٩٧). وفي ر: «صبرًا جُمَيلي». والرَّجز منسوب في «شرح ابن السيرافي» (١/ ٣١٧) إلى المُلْبِد بن حرملة الشيباني، وتعقّبه الغندجاني في «فرحة الأديب» (ص ١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>