للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنظرْ إلى كراهة الدّواء ومن كان على يديه، وانظر إلى شفقة الطّبيب الذي ركّبه لك، وبعثه إليك على يَدَي مَن نفعك بمضرّته (١).

ومنها: أن يشهد كون تلك البليّة أهونَ وأسهلَ من غيرها، فإنّه ما محنةٌ إلّا وفوقها ما هي أقوى منها وأمرُّ. فإن لم يكن فوقها محنةٌ في البدن والمال فلينظر إلى سلامة دينه وإسلامه وتوحيده، وأنّ كلَّ مصيبةٍ دون مصيبة الدِّين جَلَلٌ (٢)، وأنّها في الحقيقة نعمةٌ، والمصيبة الحقيقيّة مصيبة الدِّين.

ومنها: توفية أجرها وثوابها يومَ الفقر والفاقة. وفي بعض الآثار: أنّه يتمنّى أناسٌ يوم القيامة أنّ جلودهم (٣) كانت تُقْرَض بالمقاريض، لِما يَرون من ثواب أهل البلاء (٤).

هذا، وإنّ العبد ليشتدُّ فرحُه يوم القيامة بما له قِبَلَ (٥) النّاس من الحقوق في المال والنّفس والعرض، فالعاقل يعدُّ هذا ذُخْرًا ليوم الفقر والفاقة، ولا يُبطِله بالانتقام الذي لا يُجدِي عليه شيئًا.


(١) ل: «مضرته».
(٢) ش، د: «خلل» مصحفًا. ل: «حمل» , تحريف. والجلل: الصغير الحقير.
(٣) ش، د: «أبدانهم».
(٤) أخرجه الترمذي (٢٤٠٢) من حديث جابر مرفوعًا، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه، وقد روى بعضهم هذا الحديث عن الأعمش عن طلحة بن مصرّف عن مسروق قوله شيئًا من هذا. وقد أخرجه ابن أبي شيبة (١٠٨٢٩) عن مسروق، و (٣٥٥٩٠) عن ابن مسعود موقوفًا.
(٥) د: «من قبل».

<<  <  ج: ص:  >  >>