للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجزاء، والتَّضمينُ عقوبةٌ زائدةٌ عليه فلا تُشْرَع.

قالوا (١): وهذا بخلاف ما إذا كانت العينُ قائمةً، فإنَّ صاحبها قد وجد عينَ ماله فلم يكن أخذُها عقوبةً ثانيةً، بخلاف التَّضمين فإنَّه غرامةٌ، وقد قُطِعَ طرفُه، فلا يجتمع (٢) عليه غرامةُ الطَّرف وغرامةُ المال.

قالوا: ولهذا لم يذكر الله تعالى في عقوبة السَّارق والمحارب غيرَ إقامة الحدِّ عليهما. ولو كان الضَّمانُ لِما أتلفوه واجبًا لذَكَره مع الحدِّ، ولَما جعَلَ مجموعَ جزاء المحاربين ما ذكره من العقوبة بأداة "إنّما" التي هي عندكم للحصر، فقال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} [المائدة: ٣٣]. ومدلولُ هذا الكلام عند من يجعل أداة "إنّما" للحصر أنّه لا جزاء لهم (٣) غير ذلك.

قالوا: وقد روى النَّسائيُّ - رحمه الله - في "سننه" (٤) من حديث


(١) يعني أبا حنيفة ومَن قال بقوله. وفي ع: "قال".
(٢) ع: "تُجمع".
(٣) "لهم" ساقط من ش.
(٤) في "الكبرى" (٧٤٣٥) وفي "المجتبى" (٤٩٨٤) وقال: "وهذا مرسل وليس بثابت"، وأخرجه أيضًا الطبراني في "الأوسط" (٩٢٧٤) والدارقطني في "السنن" (٣٣٩٥ - ٣٤٠٠) والبيهقي في "الكبرى" (٨/ ٢٧٧) وفي "معرفة السنن والآثار" (١٢/ ٤٢٣ - ٤٢٤) من حديث عبد الرحمن بن عوف. قال أبو حاتم في "العلل" لابنه (١٣٥٧): "هذا حديث منكر، ومسور لم يلق عبد الرحمن، وهو مرسل"، وقال الدارقطني عقب (٣٣٩٨): "سعيد بن إبراهيم مجهول، والمسور بن إبراهيم لم يدرك عبد الرحمن بن عوف، وإن صح إسناده كان مرسلًا، والله أعلم". وبنحو قولهم قال الطبراني، وكذلك البيهقي بتفصيل أكثر. وفيه أيضًا المفضَّل بن فضالة وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>