عبد الرَّحمن بن عوفٍ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنّه قضى في السَّارق إذا أقيم عليه الحدُّ أنّه لا غُرْمَ عليه.
قالوا: وهذا هو المستقِرُّ في فِطَر النَّاس وعليه عملُهم: أنَّهم يقطعون السُّرَّاق، ولا يغرِّمونهم ما أتلفوه من أموال النّاس. وما رآه المؤمنون حسنًا فهو عند الله حسنٌ.
قالوا: ولأنّها لو ثبتت في ذمَّته بعد القطع لكان قد ملَكَها، إذ لا يجتمع لربِّها البدلُ والمبدَلُ؛ فثبوتُ بدلها في ذمّته يستلزم تقدير مِلْكِها، وهو شبهةٌ في إسقاط القطع.
وأصحابُ القول الأوّل يقولون: هذه العينُ تعلَّق بها حقَّان: حقٌّ لله، وحقٌّ لمالكها. وهما حقَّان متغايران لمستحقَّين متباينَين، فلا يُبطل أحدُهما الآخر، ويُستوفيان معًا لأنَّ القطعَ حقُّ الله، والضَّمانَ حقٌّ للمالك. ولهذا لا يسقط القطعُ بإسقاطه بعد الرَّفع إلى الإمام، ولو أسقط الضَّمانَ سقَطَ.
قالوا: وهذا كما إذا أكره أمةَ غيره على الزِّنى لزمه الحدُّ لحقِّ الله، والمهرُ لحقِّ السّيِّد. وكذلك إذا أكره الحرَّةَ على الزِّنى أيضًا. بل لو زنى بأمةٍ ثمَّ قتَلَها لزمه حدُّ الزِّنى وقيمتُها لمالكها. وهو نظيرُ ما إذا سرَقَها ثمَّ قتَلَها قُطعت يدُه لسرقتها وضمِنَها لمالكها.
قالوا: وكذلك إذا قتَلَ في الإحرام صيدًا مملوكًا لمالكه، فعليه الجزاءُ