للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصحُّ ما يُحمَل عليه كلام الشّيخِ وأمثالِه مِن أهل الاستقامة في «المعاينة» أنّها: تزايد العلم حتّى يصير يقينًا، ولا يصِل أحدٌ (١) إلى عين اليقين في هذه الدّار، وإن خالف في ذلك مَن خالف، فالغلط من لوازم الطّبيعة، والعلم يميِّز بين الغلط والصّواب.

وقد أشعرَ كلامُ الشّيخ هاهنا بأنّ التّجلِّي دون المعاينة، فإنّ التّجلِّي قد يكون من وراء سترٍ رقيقٍ وحاجزٍ لطيفٍ، والكشف والعيان هو الظُّهور من غير سترٍ، فإذا كان مسرورًا بحال التّجلِّي كانت أنفاسُه متعلِّقةً بمقام المعاينة الذي هو فوق مقام التّجلِّي، ولهذا جعله شاخصًا إليها.

قوله: (مملوءٌ من نور الوجود) يريد: أنّ هذا النّفَس مملوءٌ من نور الوجود، و «الوجود» عنده: هو حضرة الجمع، فكأنّه يقول: هذا النّفَس منصبغٌ مكتسٍ بنور الوجود، فإنّ صاحبه لمّا تنفّس به كان في مقام الجمع والوجود.

قوله: (شاخصٌ إلى منقَطَع الإشارة) لمَّا كان قلبُه مملوءًا من نور الوجود، وكان شاخصًا إلى المعاينة مستفرّغًا كلِّيّتَه في طلبها= كان شاخصًا إلى حضرة الجَمْع، التي هي منقَطَع الإشارة (٢)، فلا إشارة هناك ولا عبارة ولا رَسْم، بل تفنى الإشاراتُ، وتعجز العبارات، وتضمحلُّ الرُّسوم.


(١) من ر، ط.
(٢) من قوله: «لما كان قلبه ... » إلى هنا من ت، ر، فربما كان زيادة للمؤلف لم ترد في أصول ش، د، أو سقطت من ش، د بسبب انتقال النظر. وبعده في ر: «عندهم فضلًا عن العبارة» وقدّمنا في الدراسة أن تفردات نسخة ر لا نثبت منها إلا ما كان ضروريّا.

<<  <  ج: ص:  >  >>