للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلامة هذا: أنَّه إذا عرض عليها طاعةً دون ذلك، وأيسرَ منه، وأتمَّ مصلحةً= لم تؤثرها إيثارًا (١) لِما اعتادته وألِفَته. كما يحكى (٢) عن بعض الصوفية (٣) قال: حججت كذا وكذا حجَّةً على التجريد، فبان لي أنَّ جميع ذلك كان مشوبًا بحظِّي، وذلك أنَّ والدتي سألتني أن أستقي لها جرعة ماءٍ، فثَقُل ذلك على نفسي، فعلمت أنَّ مطاوعة نفسي في الحجَّات كان بحظِّ (٤) نفسي وإرادتها، إذ لو كانت نفسي فانيةً لم يصعب عليها ما هو حقٌّ (٥) في الشَّرع (٦).

النوع الثالث: وقوف همَّته عند الخدمة. وذلك علامة ضعفها وقصورها، فإنَّ العبد المحض لا تقف همَّته عند خدمته، بل همَّته (٧) أعلى من ذلك، إذ هي طالبةٌ لرضا مخدومه، فهو دائمًا مستصغرٌ خدمته له، ليس واقفًا عندها. والقناعة تُحمَد من صاحبها إلَّا في هذا الموضع، فإنَّها عين الحرمان، فالمحبُّ لا يقنع بشيءٍ دون محبوبه، فوقوف همَّة العبد مع خدمته وأُجرتِها سقوط فيها وحرمان.


(١) ع: «إيثارَها».
(٢) ع: «حُكي».
(٣) ع: «بعض الصالحين من الصوفية».
(٤) ش، ج، ن: «لحظ»
(٥) كذا في ن، ع، وهو لفظ «القشيرية». وفي سائر النسخ: «لحق» أو «بحق» أو محتمل لهما.
(٦) ذكر القشيري (ص ٣٠٩) أنه يُحكى ذلك عن أبي محمد المُرتعش الزاهد (ت ٣٢٨).
(٧) ل: «همه».

<<  <  ج: ص:  >  >>