للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرحةٌ يجدها المغلوب عليه بصفاتٍ شريفةٍ ينظر إلى الله منها. والتواجد استجلاب الوجد بالتذكُّر والتفكُّر، كاتِّساع فرجة الوجد بالخروج إلى فضاء الوجدان، ولا وجْدَ عندهم مع الوجدان، كما لا خبر مع العيان، فالوجد عُرضةٌ للزّوال، والوجود (١) ثابتٌ ثبوت (٢) الجبال، وقد قيل (٣):

قد كان يُطرِبني (٤) وَجْدي فأقعدَني ... عن رؤية الوجد مَن (٥) بالوجدِ موجود

والوجد يُطرِب مَن في الوجد راحتُه ... والوجدُ عند حضور الحقِّ مفقودُ

فالتّواجد: استدعاء الوجد بنوع اختيارٍ وتكلُّفٍ، وليس لصاحبه كمال الوجد، إذ لو كان له ذلك لكان وجدًا، وباب التّفاعل يُنبِئ عن ذلك، فإنّ مبناه على إظهار الصِّفة، وليست كذلك، كما قال (٦):

إذَا تَخَازرتُ وما بي مِن خَزَرْ

وقد اختلف الناس في التواجد: هل يُسلَّم لصاحبه؟ على قولين، فقالت


(١) ت، ر: «والوجدان».
(٢) ش، د: «بثبوت».
(٣) البيتان في «عوارف المعارف» للسهروردي (٢/ ٣١٩ - ط. دار المعارف) بلا نسبة كما هنا، والمؤلف صادر عنه في هذه الفقرة.
(٤) ش، د: «يطرقني».
(٥) في هامش ش، د: «ما».
(٦) قاله عمرو بن العاص يومَ صفين ضمن أبيات من الرجز. ويُروى للنجاشي الحارثي وأرطاة بن سُهية وغيرهما. انظر: «شرح أبيات سيبويه» (٢/ ٣٩٤)، و «لسان العرب» (مرر)، و «الدلائل» للسرقسطي (١/ ٨٢). وتخازر الرجلُ: إذا قبض جفنَيْه ليحدِّد النظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>