للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقت مع الله تعالى أولى بالتّائب وأنفعَ له. ولهذا قيل: ذكرُ الجفاء في وقتِ الصَّفاء جفاءٌ (١).

ومنهم من رأى أنّ الأَولى (٢) أن لا ينسى ذنبه، بل لا يزال نُصْبَ عينيه، يلاحظُه كلَّ وقتٍ، فيُحدِث له ذلك انكسارًا وذلًّا وخضوعًا أنفَعَ له من جمعيّته وصفاء وقته.

قالوا: ولهذا كان (٣) نقش داود الخطيئةَ في كفِّه، وكان ينظر إليها ويبكي (٤).

قالوا: ومتى تِهْتَ عن الطَّريق، فارجع إلى ذنبك تجدِ الطَّريق (٥).

ومعنى ذلك: أنّك إذا رجعتَ إلى ذنبك انكسرتَ وذللتَ، وأطرقتَ بين يدي الله خاشعًا ذليلًا خائفًا (٦)، وهذه طريق العبوديّة.

والصّوابُ: التّفصيلُ في هذه المسألة، وهو أن يقال: إذا أحسَّ من نفسه


(١) من كلام الجنيد في قصة له مع السَّري السَّقَطي. انظر: "حلية الأولياء" (١٠/ ٢٧٤)، و"الرسالة القشيرية" (ص ٣٠١)، والمصنف صادر عن "شرح التلمساني" (١/ ٦٥). ونسيان الذنب هو مذهب الجنيد. وانظر أيضًا: "اللُّمع" للسرّاج (ص ٤٣).
(٢) بعده في ج: "بالتائب".
(٣) لم يرد "كان" في ع.
(٤) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (٤٨٩)، وابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء" (٣٣٨) و"العقوبات" (٢٠٨)، وابن جرير في "التفسير" (٢٠/ ٦٩)، والحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (٨٣٨) وغيرهم عن عطاء الخراساني.
(٥) لم أقف عليه.
(٦) ش: "خاضعًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>