للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإخوان.

قلت: النُّصحُ في التَّوبة يتضمَّن ثلاثةَ أشياء:

تعميمُ جميع الذُّنوب واستغراقُها بها بحيث لا تدع ذنبًا إلّا تناولته.

والثّاني: إجماعُ العزم والصِّدق بكلِّيّته عليها، بحيث لا يبقى عنده تردُّدٌ ولا تلوُّمٌ ولا انتظارٌ، بل يُجْمِعُ عليها كلَّ إرادته وعزيمته مبادرًا بها.

الثّالث: تخليصُها من الشّوائب والعلل القادحة في إخلاصِها ووقوعِها لمحض الخوف من الله تعالى وخشيته، والرَّغبة فيما لديه، والرَّهبة ممَّا عنده؛ لا كمن يتوب لحفظ جاهه وحرمته ومنصبه ورياسته، أو لحفظ حاله أو حفظ قوّته وماله، أو استدعاءِ حمدِ النّاس، أو الهرَب من ذمِّهم، أو لئلَّا يتسلَّطَ عليه السُّفهاءُ، أو لقضاءِ نَهْمته من الذَّنب، أو لإفلاسه وعجزه، ونحو ذلك من العلل التي تقدح في صحّتها وخلوصها لله (١).

فالأوَّلُ يتعلَّق بما يتوب منه، والثَّالثُ (٢) بمن يتوب إليه، والأوسطُ يتعلَّق بذات التّائب ونفسه.

فنصحُ التَّوبةِ: الصِّدقُ فيها، والإخلاص، وتعميمُ الذُّنوب بها. ولا ريب أنَّ هذه التَّوبةَ تستلزم الاستغفارَ وتتضمَّنه، وتمحو جميعَ الذُّنوب، وهي أكملُ ما يكون من التَّوبة. والله المستعان، وعليه التُّكلان، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.


(١) وانظر ما سبق في (ص ٢٨٦).
(٢) في ع بعده زيادة: "يتعلَّق".

<<  <  ج: ص:  >  >>