للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسمعتُ شيخَ الإسلام ابن تيميّة - رضي الله عنه - يقول: انظر إلى موسى ــ صلواتُ الله وسلامُه عليه ــ رمى الألواح التي فيها كلامُ الله الذي كتَبه بيده فكسَرها، وجرَّ بلحيةِ (١) نبيٍّ مثلِه ورأسِه، وهو هارون (٢)؛ ولطَم عينَ ملَكِ الموت ففقأها (٣)، وعاتَب ربَّه ليلةَ الإسراء في محمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ورفعِه عليه (٤)؛ وربُّه تبارك وتعالى يحتمل له ذلك كلَّه، ويحبُّه ويكرمه (٥) ويدلِّلُه، لأنَّه قام لله المقاماتِ (٦) العظيمةَ في مقابلةِ أعدى عدوٍّ له، وصدَعَ بأمره، وعالج أمَّةَ القبط وأمَّةَ بني إسرائيل أشدَّ المعالجة= فكانت هذه الأمورُ كالشَّعرة في البحر. وانظر إلى يونس بن متّى حيث لم يكن له هذه (٧) المقامات التي لموسى - صلى الله عليه وسلم -، غاضَبَ ربَّه (٨) مرّةً، فأخَذه وسجَنه في بطن الحوت، ولم يحتمل له ما احتمل لموسى - صلى الله عليه وسلم -.

وفرقٌ بينَ من إذا (٩) أتى بذنبٍ لم يكن له من الإحسان والمحاسن ما يشفع له، وبينَ من إذا أتى بذنبٍ جاءت محاسنُه بكلِّ شفيعٍ، كما قيل (١٠):


(١) بعده في ش زيادة: "أخيه".
(٢) كما ورد في سورة الأعراف [١٥٠] وسورة طه [٩٤].
(٣) يشير إلى حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أخرجه البخاري (١٣٣٩)، ومسلم (٢٣٧٢).
(٤) كما جاء في حديث مالك بن صعصعة، أخرجه البخاري (٣٨٨٧)، ومسلم (١٦٤).
(٥) سقط بعده في التصوير ق ٩٣/ب- ٩٤/أ من الأصل.
(٦) ع: "تلك المقامات" بزيادة "تلك".
(٧) ع: "تلك".
(٨) لفظ "ربَّه" ساقط من ع.
(٩) "إذا" ساقطة من ش هنا وفيما يأتي.
(١٠) في ع: "شعر" بدلًا من "كما قيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>