للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كسرها على الاستئناف، وفتحَها الكسائيُّ وحده (١). والوجهُ: هو الكسر، لأنّ الكلام الذي قبله قد تَمَّ، فالجملة الثّانية مقرِّرةٌ مؤكِّدةٌ لمضمون ما قبلها. وهذا أبلغُ في التّقرير، وأذهبُ في المدح والثّناء. ولهذا كان كسرُ «إنَّ» في قوله: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: ٢٨] أحسَنَ من الفتح (٢)، وكان الكسرُ في قول الملبِّي: «لبّيك، إنّ الحمد والنِّعمة لك» أحسنَ من الفتح.

وقد ذُكِر في توجيه قراءة الكسائيِّ ثلاثةُ أوجهٍ (٣):

أحدها: أن تكون الشَّهادةُ واقعةً على الجملتين، فهي واقعةٌ على {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} فهو المشهود به، ويكون فتحُ «أنّه» من قوله {أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} على إسقاط حرف الجرِّ، أي لأنَّه (٤) لا إله إلّا هو، وهذا توجيه الفرّاء (٥). وهذا ضعيفٌ جدًّا، فإنّ المعنى على خلافه، وأنّ المشهود به هو نفسُ قوله: {أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، فالمشهود به «أنّ» وما في حيِّزها، والعنايةُ إلى هذا صرفت، وبه حصلت. ولكن لهذا القول ــ مع ضعفه ــ وجهٌ، وهو أن يكون المعنى: شهد الله بتوحيده أنَّ الدِّين عنده الإسلام. والإسلام


(١) انظر: «السَّبعة» لابن مجاهد (ص ٢٠٢) و «المبسوط» لابن مهران (ص ١٦٢) وغيرهما.
(٢) قرأ نافع والكسائي: «أنَّه». انظر: «السَّبعة» (ص ٦١٣).
(٣) «التفسير البسيط» للواحدي (٥/ ١١٤ - ١١٧) وعنه صدر المؤلف هنا.
(٤) في المطبوع: «بأنه» خلافًا للنسخ.
(٥) في «معاني القرآن» (١/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>