للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو توحيده سبحانه، فتضمَّنت الشّهادةُ توحيدَه (١)، وتحقيق دينه أنّه الإسلام لا غيره.

الوجه الثّاني: أن تكون الشَّهادةُ واقعةً على الجملتين معًا، كلاهما مشهودٌ به، على تقدير حذف الواو وإرادتها (٢). والتَّقديرُ: وأنَّ الدِّينَ عند الله الإسلام، فتكون جملةً استُغني فيها عن حرف العطف بما تضمَّنت من ذكر المعطوف عليه، كما وقع الاستغناء عنها في قوله: {ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ} و {خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: ٢٢]. فيحسن ذكرُ الواو وحذفُها، كما حُذِفت هاهنا، وذُكرت في قوله: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: ٢٢].

الوجه الثّالث ــ وهو مذهب البصريِّين ــ: أن تُجعَل «أنّ» الثّانية بدلًا من الأولى، والتَّقديرُ: شهد الله أنّ الدِّين عند الله الإسلام. وقولُه: {أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} توطئةٌ للثّانية وتمهيدٌ، ويكون هذا من البدل الذي الثّاني فيه نفسُ الأوّل (٣)، فإنَّ الدِّينَ الذي هو الإسلام عند الله هو: شهادةُ أن لا إله إلّا الله والقيامُ بحقِّها. ولك أن تجعله على هذا الوجه من باب بدل الاشتمال لأنّ الإسلام يشتمل على التّوحيد.

فإن قيل: فكان ينبغي على هذه القراءة أن يقول: إنّ الدِّين عنده الإسلام،


(١) «أن الدين عنده ... توحيده» ساقط من ت.
(٢) وهذا توجيه الكسائي نفسه. قال: «أنصبها جميعًا بمعنى شهد الله أنه كذا وأن الدين عند الله الإسلام». «معاني القرآن» للنحاس (١/ ٣٧٠).
(٣) يعني: بدل كلٍّ من كلٍّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>