لأنّ المعنى: شهد الله أنَّ الدِّين عنده الإسلام؛ فلِمَ عدَلَ إلى لفظ الظّاهر؟
قيل: هذا يرجِّح قراءةَ الجمهور وأنَّها أحسنُ وأفصحُ، ولكن يجوز إقامةُ الظَّاهر مقام المضمَر، وقد ورد في القرآن وكلام العرب كثيرًا. قال تعالى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ}[البقرة: ١٩٦] وقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[الأنفال: ٦٩]. وقال تعالى: {تَعْقِلُونَ (١٦٩) وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ} [الأعراف: ١٧٠].
قال ابن عبّاسٍ (١): افتخر المشركون بآبائهم، فقال كلُّ فريقٍ منهم: لا دين إلّا دين آبائنا وما كانوا عليه، فأكذبهم الله تعالى، وقال:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} يعني الذي جاء به محمّدٌ، وهو دينُ الأنبياء من أوّلهم إلى آخرهم، ليس لله دينٌ سواه، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران: ٨٥].
وقد دلَّ قولُه:{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} على أنّه دينُ أنبيائه ورسله وأتباعهم من أوّلهم إلى آخرهم، وأنّه لم يكن لله قطُّ ولا يكون له دينٌ سواه. قال أوَّلُ الرُّسل نوحٌ:{فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[يونس: ٧٢]. وقال إبراهيم وإسماعيل:{رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ}[البقرة: ١٢٨]، {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[البقرة: ١٣٢]. وقال يعقوب لبنيه عند الموت: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ