للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحال (١) قال أبو يزيد: «سبحاني»، و «ما في الجبّة إلّا الله»، ونحو ذلك. فأخذ قومٌ هذه الشطحات، فجعلوها غايةً يجرُون إليها، ويعملون عليها. فالشَّيخُ شرَطَ أنّه لا يثبت شهودُ الجمع إلّا لمن تمكّن في شهود طور البقاء.

قوله: (والتنافي من الإحساس بالاعتلال). الاعتلال عندهم: هو التفرقةُ في الأسباب، والوقوفُ مع الرّبط الواقع بين المسبِّبات وأسبابها؛ وذلك عقدٌ لا يحلُّه إلّا شهودُ الجمع (٢). ولا يخفى ما في هذه العبارة من العجمة والتّعقيد.

وكذلك قوله: (والتنافي من شهود شهودها). ومراده: أن ينتفي عنه شهودُ هذه الأشياء التي ذكرها كلِّها، وأن يفنى عن هذا الشُّهود. فإنّه إن لم يفْنَ عنها كلِّها وعن شهود فنائه وإلّا (٣) فهو معها، لأنّه يحسُّ بها، ولا يقع الإحساس إلّا بما هو موجودٌ عند صاحب الإحساس. فإذا غاب عن شهودها ثمّ عن شهود الشُّهود فقد استقرَّ قدمُه في حضرة الجمع (٤).

وقد تقدّم غير مرّةٍ أنّ هذا ليس بكمالٍ ولا مقصودٍ في نفسه، ولا يعطي كمالًا، ولا فيه معرفةٌ، ولا عبوديّةٌ، ولا دعت إليه الرُّسلُ البتّة، ولا أشار إليه القرآنُ، ولا وصفه أئمةُ أهل الطّريق المتقدِّمون. وغايتُه أن يشبَّه صاحبه


(١) ش، د: «الحالة». وانظر ما علَّقت على شطحات أبي يزيد في المجلد الأول (ص ٢٣٨).
(٢) «شرح التلمساني» (٢/ ٥٩٦).
(٣) استعمال «وإلا» هنا من الخطأ الشائع في زمن المؤلف. والمعنى على حذفها. وقد سبق مثلها غير مرة.
(٤) «شرح التلمساني» (٢/ ٥٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>