للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: ظهور آثار أسماء الحكمة والخبرة، فإنَّه الحكيمُ الخبيرُ الذي يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها اللائقة بها، فلا يضع الشيء في غير موضعه، ولا ينزله غير منزلته التي يقتضيها كمالُ علمه وحكمته وخبرته، فلا يضع الحرمان والمنع موضع العطاء والفضل، ولا الفضل والعطاء موضع المنع والحرمان، ولا الثواب موضع العقاب، ولا العقاب موضع الثواب (١)، ولا الخفض موضع الرفع، ولا الرفع مكان الخفض، ولا العزَّ مكان الذلِّ، ولا الذلَّ (٢) مكان العزِّ، ولا يأمر بما ينبغي النهيُ عنه، ولا ينهى عمَّا ينبغي الأمرُ به.

فهو أعلم حيث يجعل رسالاته (٣)، وأعلم بمن يصلح لقبولها ويشكره على انتهائها إليه ووصولها (٤)، وأعلم بمن لا يصلح لذلك ولا يستأهله، وأحكم من أن يمنعها أهلها ويضعَها عند غير أهلها.

فلو قدِّر عدم الأسباب المكروهة البغيضة (٥) له لتعطَّلت هذه الآثار ولم تظهر لخلقه، ولفاتت الحكم والمصالح المترتِّبة عليها، وفواتُها شرٌّ من


(١) «ولا العقاب موضع الثواب» سقط من ل، ولكن كتب «مـ» فوق كل من الثواب والعقاب من الجملة السابقة، ولعله إشارة إلى إعادة الجملة مع تقديم المؤخر وتأخير المقدَّم.
(٢) الأصل، ل: «والذل»، سقطت «لا».
(٣) هكذا بالجمع، وهو قراءة أبي عمرو في قوله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤]. انظر: «النشر» (٢/ ٢٦٢).
(٤) الأصل، ل، ش: «ووصوله»، ولعله سبق قلم.
(٥) ش: «المبغوضة».

<<  <  ج: ص:  >  >>