للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما ظهرت (١) قدرته التامَّة في خلق الليل والنهار، والضِّياء والظلام، والدَّاء والدَّواء، والحياة والموت، والحرِّ والبرد، والحسن والقبيح، والأرض والسماء، والماء والنار، والخير والشرِّ. وذلك من أدلِّ الدلائل على كمال قدرته وعزَّته وملكه وسلطانه، فإنَّه خلق هذه المتضادَّات وقابَلَ بعضها ببعضٍ وسلَّط بعضها على بعض، وجعلها محالَّ تصرُّفه وتدبيره وحكمته، فخلوُّ الوجود عن بعضها بالكليَّة تعطيلٌ لحكمته وكمالِ تصرُّفه وتدبير مملكته.

ومنها: ظهور آثار أسمائه القهريَّة، مثل القهَّار، والمنتقم، والعدل، والضارِّ، وشديد العقاب، وسريع العقاب (٢)، وذي البطش الشديد، والخافض، والمذلِّ. فإنَّ هذه الأسماء والأفعال كمالٌ، فلا بدَّ من وجود متعلِّقها. ولو كان الخلق كلُّهم على طبيعة المَلَك لم يظهر أثر هذه الأسماء والأفعال.

ومنها: ظهور آثار أسمائه المتضمِّنة لحلمه وعفوه، ومغفرته وستره، وتجاوزه عن حقِّه، وعتقه لمن شاء من عبيده. فلولا خلقُ ما يكرهه من الأسباب المفضية إلى ظهور آثار هذه الأسماء لتعطَّلت هذه الحِكَم والفوائد. وقد أشار النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى هذا بقوله: «لو لم تُذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقومٍ يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم» (٣).


(١) في ع زيادة: «لهم».
(٢) في طبعتي الفقي والصميعي: «سريع الحساب»، خلافًا للأصول، والمثبت منها لا غُبار علاه، قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام: ١٦٥].
(٣) أخرجه مسلم (٢٧٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>