للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"عليك بطريق الحقِّ، ولا تستوحش لقلّة السّالكين. وإيّاك وطريقَ الباطل، ولا تغترَّ بكثرة الهالكين" (١). وكلّما استوحشتَ في تفرُّدك فانظر إلى الرّفيق السّابق، واحرص على اللَّحاق بهم، وغُضَّ الطَّرفَ عمَّن سواهم فإنّهم لن يُغْنُوا عنك من الله شيئًا. وإذا صاحوا بك في طريق سيرك فلا تلتفت إليهم، فإنّك متى التفتَّ إليهم أخذوك أو عاقوك.

وقد ضُربت لذلك مثلان (٢)،

فليكونا (٣) منك على بالٍ:

المثال (٤) الأوّل: رجلٌ خرج من بيته إلى الصّلاة، لا يريد غيرها، فعرَض له في طريقه شيطانٌ من شياطين الإنس، فألقى عليه كلامًا يؤذيه. فوقف, وردَّ عليه، وتماسكا. فربّما كان شيطان الإنس أقوى منه، فقهَره، ومنعَه عن الوصول إلى المسجد حتّى فاتت الصّلاة. وربّما كان أقوى من شيطان الإنس، ولكن اشتغل بمهاوشته عن الصّفِّ الأوّل وكمال إدراك الجماعة. فإن التفت إليه أطمَعَه في


(١) روي نحوه عن الفضيل بن عياض. انظر: "تبيين كذب المفتري" (ص ٣٣١)، و"الأذكار" للنووي (ص ١٦٠).
(٢) "ضُربت" غُيِّر في م إلى "ضُرِب". وبعده: "لك" في ج. وكذا كان في ق، ثم أصلح. وفي طبعة الفقي: "وقد ضربتُ لذلك مثلين". ولما اتفقت النسخ على "مثلان" بالرفع اخترت قراءة "ضُربت" مع تذكير لفظ المثل، ولعله سبق قلم من المؤلف. وقد تسامح في ذلك في نونيته أيضًا إذ قال (٢٤٦٣):
والأمرُ والنهيُ المطاعُ لغيره ... ولمحصرٍ ضُرِبَتْ بذا مثلانِ
وقال أيضًا (٢٤٣١):

وكذاك أصحابُ الحديث فإنهم ... ضُرِبَتْ لهم ولكم بذا مثلانِ
(٣) ج: "ليكونا"، ويبدو أنه كذا كان في ق ثم زيدت الفاء. وفي ش، م: "يكونان".
(٤) غيِّر في ش إلى "المثل".

<<  <  ج: ص:  >  >>