للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحجبُ له عن مصالحه وسعادته منه، فإنَّه إذا تعلَّق بغير الله وَكَله الله (١) إلى من تعلَّق به، وخذله من جهة مَن تعلَّق به، وفاته تحصيل مقصوده من الله بتعلُّقه بغيره والتفاته إلى سواه، فلا على نصيبه من الله حصل، ولا إلى ما أمَّله ممَّن تعلَّق به وصل! قال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [مريم: ٨١ - ٨٢]، وقال تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ (٧٤) لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} [يس: ٧٤ - ٧٥].

فأعظم الناس خِذلانًا من تعلَّق بغير الله، فإنَّ ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه أعظمُ ممَّا حصل له ممَّن تعلَّق به، وهو معرَّض للزوال والفوات. ومثل المتعلِّق بغير الله كمثل المستظلِّ من الحرِّ والبرد ببيت العنكبوت أوهن البيوت.

وبالجملة فأساس الشِّرك وقاعدته التي بُني عليها: التّعلُّق بغير الله، ولصاحبه الذّمُّ والخِذلان، كما قال تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء: ٢٢] مذمومًا لا حامد لك، مخذولًا لا ناصر لك، إذ قد يكون بعض الناس مقهورًا محمودًا كالذي قُهر بباطلٍ، وقد يكون مذمومًا منصورًا كالذي قَهَر وتسلَّط (٢) بباطلٍ، وقد يكون محمودًا منصورًا كالذي تمكَّن ومَلَك بحقٍّ، والمشرك المتعلِّق بغير الله قسمه أردى الأقسام الأربعة، لا محمودٌ ولا منصور!


(١) الاسم المعظَّم ليس في ش، م.
(٢) زيد في ع: «عليه».

<<  <  ج: ص:  >  >>