للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الدّارانيُّ - رحمه الله -: الفراسة مكاشفة النّفس (١) ومعاينة الغيب، وهي من مقامات الإيمان (٢).

وسئل بعضهم عن الفراسة؟ فقال: أرواحٌ تتقلَّبُ في الملكوت، فتُشرِف على معاني الغيوب، فتَنطِق عن أسرار الخلق، نُطْقَ مشاهدةٍ لا نُطْقَ ظنٍّ وحسبانٍ (٣).

وقال أبو عمرو بن نُجيدٍ: كان شاه الكرمانيُّ حادَّ الفراسة، لا يخطئ، ويقول: من غضَّ بصرَه عن المحارم، وأمسك نفسَه عن الشّهوات، وعَمَرَ باطنَه بدوام المراقبة وظاهرَه باتِّباع السُّنّة، وتعوَّدَ أكلَ الحلال= لم تُخطِئْ فراسته (٤).

وقال أبو جعفرٍ الحدّاد: الفراسة أوّل خاطرٍ بلا مُعارضٍ، فإن عارضه معارضٌ من جنسه فهو خاطرٌ وحديثُ نفسٍ (٥).

وقال أبو حفصٍ النّيسابوريُّ: ليس لأحدٍ أن يدَّعي الفراسة، ولكن يتّقي الفراسة من الغير (٦)، لأنّ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «اتَّقوا فراسةَ المؤمن، فإنّه ينظر بنور الله». ولم يقل: «تفرّسوا». وكيف تصحُّ دعوى الفراسة لمن هو في محلِّ اتِّقاء


(١) كذا في النسخ. وفي «القشيرية»: «اليقين».
(٢) «الرسالة القشيرية» (ص ٥١٥).
(٣) المصدر نفسه (ص ٥١٥).
(٤) المصدر نفسه (ص ١٧٢، ٥١٨). ورواه أبو نعيم في «الحلية» (١٠/ ٢٣٧). وانظر تعليق المؤلف عليه في «إغاثة اللهفان» (١/ ٧٦، ٧٧).
(٥) المصدر نفسه (ص ٥١٩). ورواه السلمي في «تفسيره» (١/ ٣٥٩).
(٦) ل: «العين».

<<  <  ج: ص:  >  >>