للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: فإذا وجب القضاء على النَّائم والنَّاسي مع عدم تفريطهما فوجوبُه على العامد المفرِّط أولى.

قالوا: ولأنّه كان يجب عليه أمران: الصَّلاةُ وإيقاعُها في وقتها، فإذا ترك أحدَ الأمرين بقيَ الآخر.

قالوا: ولأنَّ القضاءَ إن قلنا يجب بالأمر الأوّل فظاهرٌ، وإن قلنا يجب بأمرٍ جديدٍ فأمرُ النَّائم والنَّاسي به تنبيهٌ على العامد، كما تقدَّم.

قالوا: ولأنَّ مصلحةَ الفعل إن لم يمكن تداركُها تدارَكَ العبدُ منها ما أمكن. وقد فاتت مصلحةُ الفعل في الوقت فيتداركُ ما أمكن منها، وهو الفعلُ خارجَ الوقت.

قالوا: وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتُكم بأمرٍ فَأْتُوا منه ما استطعتم" (١). وهذا قد استطاع الإتيانَ بالمأمور خارجَ الوقت، وقد تعذَّر عليه الإتيانُ به في وقته، فيجبُ عليه الإتيانُ بالمستطاع.

قالوا: وكيف يُظَنُّ بالشَّرع أنَّه يخفِّف عن هذا المتعمِّد المفرِّط العاصي لله ورسوله بترك الوجوب، ويُوجبه على المعذور بالنَّوم والنِّسيان؟

قالوا: ولأنَّ الصَّلاةَ خارجَ الوقت بدلٌ عن الصَّلاة في الوقت، والعبادةُ إذا كان لها بدلٌ وتعذَّر المبدَلُ انتقل المكلَّفُ إلى بدله، كالتَّيمُّمِ مع الوضوء، وصلاةِ القاعد عند تعذُّر القيام والمضطجعِ عند تعذُّر القعود، وإطعامِ العاجز عن الصِّيام لكبرٍ أو مرضٍ غير مرجوِّ [الزَّوالِ] (٢) عن كلِّ يومٍ مسكينًا.


(١) أخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٣٧) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) زدته من "الكافي" لابن قدامة (٣/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>