للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظائرُ ذلك كثيرةٌ في الشَّرع.

قالوا: ولأنَّ الصَّلاةَ حقٌّ موقَّتٌ، فتأخيرُه عن وقته لا يسقط إلّا بمبادرته خارجَ الوقت كديونِ الآدميِّين المؤجَّلة.

قالوا: ولأنَّ غايَته أنّه أثِمَ بالتّأخير، وهذا لا يُسقط القضاءَ عنه، كمن أخَّر الزَّكاة عن وقت وجوبها تأخيرًا أثِمَ به، أو أخَّر الحجَّ تأخيرًا أثِمَ به.

قالوا: ولو ترك الجمعةَ حتّى صلّاها الإمامُ عمدًا عصى بتأخيرها ولزِمَه أن يصلِّي الظُّهر، ونسبةُ الظُّهر إلى الجمعة كنسبة صلاة الصُّبح بعد طلوع الشَّمس إلى صلاتها قبل الطُّلوع.

قالوا: وقد أخَّر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ العصر يوم الأحزاب إلى أن صلَّاها بعد غروب الشَّمس (١)، فدلَّ على أنَّ فِعْلَها ممكنٌ خارجَ الوقت في العمد، سواءٌ كان معذورًا به كهذا التَّأخير وكتأخير من أخَّرها من الصَّحابة يومَ بني قريظة إلى بعد غروب الشّمس، أو لم يكن معذورًا به كتأخير المفرِّط؛ فتأخيرُهما إنّما يختلف في الإثم وعدمه، لا (٢) وجوبِ التَّدارُك بعد التَّرك.

قالوا: ولو كانت الصَّلاةُ خارجَ الوقت لا تصحُّ ولا تجب لَمَا أمرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يوم بني قريظة بتأخير صلاة العصر إلى أن يصلُّوها فيهم، فأخَّرها بعضُهم حتّى صلَّاها فيهم باللَّيل، فلم يعنِّفهم ولم يعنِّف من صلَّاها في الطَّريق، لأجل اجتهاد الفريقين (٣).


(١) كما في حديث علي - رضي الله عنه -، أخرجه البخاري (٢٩٣١)، ومسلم (٦٢٧).
(٢) بعده في ع زيادة: "في".
(٣) ش: "لاجتهاد الفريقين". والحديث أخرجه البخاري (٤١١٩)، ومسلم (١٧٧٠) من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.

<<  <  ج: ص:  >  >>