للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُغرقه (١) وتُحيط (٢) به فيذهب ضائعًا، ويكون حال صاحبه كالحال التي قال الله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة: ٢٦٦]. قال عمر - رضي الله عنه - للصحابة - رضي الله عنهم - يومًا: فيمن ترون هذه الآية نزلت؟ فقالوا: الله أعلم، فغضب عمر - رضي الله عنه - وقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم، فقال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: في نفسي منها شيءٌ يا أمير المؤمنين. قال: يا ابن أخي، قُل ولا تحقرنَّ نفسك. قال ابن عبَّاس - رضي الله عنهما -: ضربت مثلًا لعملٍ. قال عمر: أيُّ عملٍ؟ قال ابن عباس: لعملٍ. قال عمر: لرجلٍ غنيٍّ يعمل بطاعة الله، بعث (٣) الله له الشيطان، فعمل بالمعاصي حتَّى أغرق (٤) أعماله (٥).

قال (٦): (وإشفاقٌ على الخليقة لمعرفة معاذيرها).

هذا قد يوهم نوعَ تناقضٍ، فإنَّه كيف يُشفق مع معرفة العذر؟ وليس بمتناقضٍ، فإنَّ الإشفاق ــ كما تقدَّم ــ خوف مقرون برحمةٍ، فيشفق عليهم من


(١) قراءة المطبوعات: «تفرِّقُه»، والمثتبت أقرب إلى رسم عامَّة النسخ، ويؤيده ما سيأتي في قول عمر: « ... فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله».
(٢) كذا في الأصل، ش بالياء المثناة من الإحاطة. وفي ل، ج، ن بالباء الموحدة من الحبوط. وفي ع: «تُحبِطه».
(٣) ع: «فبعث». ولفظ الحديث: «ثم بعث».
(٤) في ع زيادة: «جميع»، ولا توجد في لفظ الحديث.
(٥) أخرجه البخاري (٤٥٣٨).
(٦) «المنازل» (ص ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>