للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الهيئة الاجتماعية بغناء بِنْتَين صغيرتين دون البلوغ عند امرأةٍ صبيَّة في يوم عيدٍ وفرحٍ بأبياتٍ من أبيات العرب في وصف الشَّجاعة والحروب ومكارم الأخلاق والشِّيم، فأين هذا من هذا؟

والعجب أنّ هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم، فإنَّ الصدِّيق الأكبر سمَّى ذلك مزمور الشَّيطان (١) وأقرَّه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذه التسمية، ورخَّص فيه لجويريَتَين غير مكلَّفتين، ولا مفسدة في إنشاده ولا استماعه، أفيدلُّ هذا على إباحة ما يعلمونه ويعملونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى؟ فيا سبحان الله! أَضَلَّت العقولُ والأفهام؟

وأعجب من هذا كلِّه: الاستدلال على إباحته بما سمعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحُداء المشتمل على الحقِّ والتوحيد؟! وهل حرَّم أحدٌ مطلقَ الشِّعر وقولَه واستماعه؟ فكم هذا التعلُّق ببيوت (٢) العنكبوت!

وأعجب من هذا: الاستدلال على إباحته بإباحة أصوات الطُّيور اللذيذة، وهل هذا إلَّا من جنس قياس الذين قالوا: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥]! وأين أصوات الطُّيور إلى نغمات الغِيد الحِسان، والأوتار والعيدان، وأصوات أشباه النِّساء من المُردان، والغناءِ بما يحدو الأرواح والقلوب إلى مواصلة كلِّ محبوبةٍ ومحبوبٍ؟! وأين الفتنة بهذا إلى الفتنة بصوت القُمريِّ والبُلبل والهَزَارِ (٣) ونحوها؟


(١) ع: «مزمورًا من مزامير الشيطان».
(٢) م، ش: «ببيت».
(٣) طائر حسن الصوت، قيل: هو العندليب بالفارسية، وقيل: هو نوع منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>