للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهداية الصِّراط المستقيم تتضمّن الشِّفاء من مرض الضّلال. ولذلك (١) كان سؤال هذه الهداية أفرضَ دعاءٍ على كلِّ عبدٍ، وأوجبَه عليه كلَ يومٍ وليلةٍ في كلِّ صلاةٍ، لشدّة ضرورته وفاقته إلى الهداية المطلوبة، ولا يقومُ غيرُ هذا السُّؤال مقامَه.

والتَّحقُّقُ (٢) بـ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} علمًا ومعرفةً وعملًا وحالًا يتضمّن الشِّفاء من مرض فساد القصد (٣). فإنَّ فسادَ القصد يتعلَّق بالغاية (٤) والوسائل، فمن طلب غايةً منقطعةً مضمحلّةً فانيةً، وتوسَّل إليها بأنواع الوسائل الموصلة إليها كان كلا نوعي قصده فاسدًا. وهذا شأن كلِّ من كان غاية طلبه (٥) غيرَ الله وعبوديَّته من المشركين ومتَّبعي (٦) الشّهوات الذين لا غاية لهم وراءها، وأصحاب الرِّياسات المتَّبعين لإقامة رياستهم بأيِّ طريقٍ كان من حقٍّ أو باطلٍ. فإذا جاء الحقُّ معارضًا في طريق رياستهم طحنوه وداسوه بأرجلهم. فإن عجزوا عن ذلك دفعوه دفعَ الصَّائل. فإن عجزوا عن ذلك حبسوه في الطّريق، وحادوا عنه إلى طريقٍ أخرى. وهم مستعدُّون لدفعه بحسب الإمكان، فإذا لم يجدوا منه بدًّا أعطوه السِّكَّة والخطبة، وعزلوه عن التّصرُّف والحكم والتّنفيذ. وإن جاء الحقُّ ناصرًا لهم وكان لهم صالوا به


(١) ش: "ولهذا".
(٢) ل، ج، ع: "والتحقيق".
(٣) ع: "القلب والقصد".
(٤) ع: "بالغايات".
(٥) ع: "مطلوبه".
(٦) ع: "مبتغي".

<<  <  ج: ص:  >  >>