للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجالوا، وأتوا إليه مذعنين، لا لأنّه حقٌّ، بل لموافقةِ غرضهم وأهوائهم، وانتصارهم به. {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [النور: ٤٨ - ٥٠].

والمقصود: أنّ قصد هؤلاء فاسدٌ في غاياتهم ووسائلهم. وهؤلاء إذا بطلت الغايات التي طلبوها واضمحلَّتْ وفنيَتْ، حصلوا على أعظم الخسران والحسرات. وهم أعظم النّاس ندامةً وتحسُّرًا إذا حقَّ الحقُّ وبطَلَ الباطلُ، وتقطَّعت بهم الأسبابُ والوُصَلُ (١) التي كانت بينهم، وتيقَّنوا انقطاعَهم عن ركب الفلاح والسَّعادة. وهذا يظهر كثيرًا في الدُّنيا، ويظهر أقوى من ذلك عند الرَّحيل منها والقدوم على الله تعالى. وسيكثُر (٢) ظهورُه وتحقُّقه في البرزخ، وينكشف كلَّ الانكشاف يوم اللِّقاء إذا حقَّت الحقائق، وفاز المُحِقُّون، وخَسِر المبطلون، وعلموا أنّهم كانوا كاذبين، وكانوا مخدوعين مغرورين. فياله هنالك من علمٍ لا ينفع عالمَه، ويقينٍ لا يُنجي مستيقنَه.

وكذلك من طلب الغاية العليا والمطلب الأعلى، ولكن لم يتوسَّل إليه بالوسيلة المُوصِلة له (٣) إليه، بل توسَّل إليه بوسيلةٍ ظنَّها موصِلةً إليه، وهي


(١) ع: "أسباب الوصل".
(٢) ترك ناسخ ل الثاء والراء من الكلمة فتحرفت في النسخ، والمثبت من الأصل، ج. وفي ع: "ويشتدُّ".
(٣) "له" ساقط من ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>