للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصاحب هذا التخلُّص هو صاحب القلب السليم الذي لا ينجو إلَّا من أتى الله به، فإنَّ التسليم ضدُّ المنازعة.

والمنازعة إمَّا بشبهةٍ فاسدةٍ تعارض الإيمان بالخبر عمَّا وصف الله تعالى به نفسه من صفاته وأفعاله، أو ما أخبر به من اليوم الآخر، وغير ذلك. فالتسليم له ترك منازعته بشبهات المتكلِّمين الباطلة.

وإمَّا بشهوةٍ تعارض أمر الله. فالتسليم للأمر بالتخلُّص منها.

أو إرادةٍ تعارض مراد الله من عبده، فتعارضه إرادةٌ تتعلَّق بمراد العبد من الربِّ. فالتسليم بالتخلُّص منها.

أو اعتراضٍ يعارض حكمته في خلقه وأمره، بأن يظنَّ أنّ مقتضى الحكمة خلاف ما شرع، وخلاف ما قضى وقدَّر.

فالتسليم: التخلُّص من هذه المنازعات كلِّها.

وبهذا يتبيَّن أنَّه من أجلِّ مقامات الإيمان وأعلى طرق الخاصَّة، وأنَّ التسليم هو محض الصدِّيقيَّة التي هي بعد درجة النبوَّة، وأنَّ أكمل الناس تسليمًا أكملُهم صدِّيقيَّةً.

فلنرجع إلى شرح كلام الشيخ.

أمَّا قوله: (تسليم ما يزاحم العقول ممَّا سبق (١) على الأوهام)، يعني: أنَّ التسليم يقتضي (٢) ما ينهى عنه العقل ويزاحمه، فإنَّه يقتضي التجريد عن


(١) ل: «يسبق».
(٢) ش: «نقيض».

<<  <  ج: ص:  >  >>