للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّلوك، فمتى فاته واحدٌ من هذه الثّلاث (١) لم يصحّ طلبُه ولا سَيْرُه، فالأمر دائرٌ بين مطلوبٍ يتعيّن إيثاره على غيره، وطلبٍ يقوم بقلبِ من يقصده، وطريقٍ يُوصِل إليه.

فإذا تحقَّقَ العبدُ طلبَ ربِّه وحده تعيَّنَ مطلوبه، وإذا بذل جهده في طلبِ ربّه صحّ له طلبه، وإذا تحقّق باتِّباع أوامره واجتناب نواهيه صحّ له طريقه، وصحّة القصد والطّريق موقوفةٌ على صحّة المطلوب وتعيُّنه. فحكم القصد يُتلقَّى من حكم المقصود، فمتى كان المقصود أهلًا للإيثار كان القصد المتعلِّق به كذلك، فالقصد والطّريق تابعان للمقصود.

وتمام العبوديّة: أن يوافق الرّسولَ في مقصوده وقصده وطريقه، فمقصوده: الله وحده، وقصدُه: تنفيذ أوامره في نفسه وفي خلقه، وطريقُه: اتِّباع ما أُوحي إليه، فصَحِبَه أصحابُه على ذلك حتّى لَحِقوا به، ثمّ جاء التّابعون لهم بإحسانٍ، فمَضوا على آثارهم.

ثمّ تفرّقت الطُّرق بالنّاس، فخيارُ النّاس مَن وافقه في المقصود والطّريق، وأبعدُهم من الله ورسوله من خالفه في المقصود والطّريق؛ وهم أهل الشِّرك بالمعبود، والبدعة في العبادة. ومنهم من وافقه في المقصود وخالفه في الطّريق، ومنهم من وافقه في الطّريق وخالفه في المقصود.

فمن كان الله مرادَه والدارُ الآخرة فقد وافقه في المقصود، فإنْ عبَدَ اللهَ بما أمر به على لسان رسوله فقد وافقه، وإن عبدَه بغير ذلك فقد خالفه في الطّريق.


(١) ر، ت: «الثلاثة».

<<  <  ج: ص:  >  >>