للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولمَّا كان هذا الحبُّ التامُّ والإخلاصُ الذي هو ثمرته أعلى من مجرَّد الرِّضا بربوبيَّته سبحانه= كانت ثمرته أعلى، وهي وجدُ حلاوة الإيمان، وثمرةُ الرِّضا: ذوق طعم الإيمان؛ فهذا وجدٌ لحلاوةٍ (١) وذلك ذوقٌ لطعمٍ (٢). والله المستعان.

وإنَّما ترتَّب هذا وهذا على الرِّضا به وحده ربًّا، والبراءةِ من عبوديَّة ما سواه، وميلِ القلب بكلِّيَّته إليه، وانجذابِ قوى الحبِّ كلِّها إليه؛ ورضاه عن ربِّه تابعٌ لهذا الرِّضا.

فمن رضي بالله ربًّا رضيه الله له عبدًا، ومن رضي عنه في عطائه ومنعه وبلائه وعافيته= لم ينل بذلك درجة رضا الربِّ عنه إن لم يرض به ربًّا وبنبيِّه رسولًا وبالإسلام دينًا، فإنَّ العبد قد يرضى عن الله فيما أعطاه ومنعه ولم يرضَ به وحدَه معبودًا وإلهًا. ولهذا إنَّما ضَمِن رضا العبد يوم القيامة لمن رضي به ربًّا، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «من قال كلَّ يومٍ: رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمَّدٍ نبيًّا: إلا كان حقًّا على الله أن يرضيه يوم القيامة» (٣).


(١) ع: «وجدُ حلاوةٍ».
(٢) ع: «ذوقُ طعمٍ».
(٣) أخرجه أحمد (١٨٩٦٧) وابن ماجه (٣٨٧٠) والحاكم (١/ ٥١٨) من حديث خادم النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: «ما من عبد مسلم يقول حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات: رضيت بالله ربًّا ... » إلخ بمثله. وفي إسناده لين لجهالة أحد رواته. وله شاهد من حديث ثوبان عند الترمذي (٣٣٨٩) وغيره بإسناده ضعيف.
وصحَّ في الباب حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم (١٨٨٤) بلفظ: «من رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًّا= وجبت له الجنة». وهو عند أبي داود (١٥٢٩) وغيره بلفظ: «من قال: رضيت بالله ربًّا ... » إلخ.

<<  <  ج: ص:  >  >>