للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد بيقين الخبر: سكونَ القلب إلى خبر المخبر ووثوقَه به، وبيقين الدّلالة: ما هو فوقه، وهو أن يُقِيم له ــ مع وثوقه بصدقه ــ الأدلّة الدّالّة (١) على ما أخبر به.

وهذا كعامّة أخبار الإيمان والتّوحيد في القرآن، فإنّه سبحانه ــ مع كونه أصدق الصّادقين ــ يقيم لعباده الأدلّة (٢) والأمثال والبراهين على صدق أخباره، فيحصل لهم اليقين من الوجهين: من جهة الخبر، ومن جهة الدّليل. فيرتفعون من ذلك إلى الدّرجة الثّالثة، وهي يقين المكاشفة، بحيث يصير المُخبَر به لقلوبهم كالمرئيِّ لعيونهم، فنسبة الإيمان بالغيب حينئذٍ إلى القلب كنسبة المرئيِّ إلى العين. وهذا أعلى أنواع المكاشفة، وهي التي أشار إليها عامر بن عبد قيسٍ في قوله: لو كُشِف الغطاء ما ازددتُ يقينًا (٣). وليس هذا من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا من قول عليٍّ، كما يظنُّه من لا علمَ له بالمنقولات (٤).

وقال بعضهم: رأيت الجنّة والنّار حقيقةً. قيل له: كيف؟ قال: رأيتهما (٥) بعيني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ورؤيتي لهما بعينيه أوثقُ عندي من رؤيتي لهما بعيني،


(١) ل: «الدلالة».
(٢) ل: «الدلالة».
(٣) تقدم قريبًا.
(٤) نُسِب هذا إلى علي في «الذريعة إلى مكارم الشريعة» (ص ١٤٩)، و «طبقات السبكي» (٦/ ٦١)، و «وفيات الأعيان» (٧/ ٣٤٤). ونُسِب إلى أبي بكر في «الآداب الشرعية» (١/ ٢٩٥).
(٥) ل: «رأيتها».

<<  <  ج: ص:  >  >>