للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأشباح. لكن المحجوبون إنّما أدركوا من هذا الاسم حظَّ البهائم والدَّوابِّ، وأدرك منه أولو الألباب أمرًا وراء ذلك.

الموضع الرّابع: من ذكر يوم الدِّين، فإنّه اليوم الذي يدين الله العبادَ فيه بأعمالهم، فيثيبهم على الخيرات، ويعاقبهم على المعاصي والسّيِّئات. وما كان الله ليعذِّب أحدًا قبل إقامة الحجّة عليه، والحجّةُ إنّما قامت برسله وكتبه، وبهم استُحِقَّ الثَّواب والعقاب، وبهم قام سوق يوم الدِّين، وسيق الأبرار إلى النَّعيم، والفجَّار إلى الجحيم.

الموضع الخامس: من قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}، فإنّ ما يُعبَد (١) به تعالى لا يكون إلّا ما يحبُّه ويرضاه. وعبادته هي: شكُره، وحسنُه (٢) فطريٌّ معقولٌ للعقول السّليمة، لكنّ طريق التّعبد وما يُعبد به لا سبيل إلى معرفته إلّا برسله. وفي هذا بيان أنّ إرسال الرُّسل أمرٌ مستقرٌّ في العقول، يستحيل تعطيلُ العالم عنه كما يستحيل تعطيلُه عن الصّانع؛ فمن أنكر الرَّسولَ فقد أنكر المُرْسِلَ ولم يؤمن به. ولهذا يجعل سبحانه الكفرَ برسوله كفرًا به.

الموضع (٣) السادس: من (٤) قوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، فالهداية هي البيان والدَّلالة، ثمّ التَّوفيق والإلهام، وهو بعد البيان والدَّلالة، ولا سبيل إلى البيان والدَّلالة إلّا من جهة الرُّسل. فإذا حصل البيان والدَّلالة والتَّعريف ترتَّب عليه هدايةُ التَّوفيق، وجعلُ الإيمان في القلب، وتحبيبُه إلى


(١) ضبطه بعضهم في الأصل: "تعبّد" بالتاء وتشديد الباء.
(٢) ش: "خشيته"، وفي هامشها: "وحُسْنُه" مع علامة "ظ" فوقه.
(٣) ع: "والموضع".
(٤) "من" ساقطة من ش، ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>