للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستوت الحالات في أخذها وتركها عنده لم يَرَ أنَّه اكتسب بتركها عند الله درجةً البتَّة، لأنها أصغر في عينه من أن يرى أنَّه اكتسب بتركها الدرجات.

وفيه معنًى آخر: وهو أن يشاهد تفرُّد الله عز وجل بالعطاء والمنع، فلا يرى أنه ترك شيئًا ولا أخذ شيئًا، بل اللهُ وحده هو المعطي المانع، فما أخذه فهو مَجرًى لعطاء الله إيَّاه كمجرى الماء في النهر، وما تركه لله فاللهُ هو الذي منعه منه، فيذهب بمشاهدة الفعَّال وحده عن شهود كسبه وتركه، فإذا نظر الأشياء بعين الجمع وسلك في وادي الحقيقة غاب عن شهود اكتسابه، وهو معنى قوله: (ناظرًا إلى وادي الحقائق). وهذا أليق المعنيين بكلامه.

فهذا زهد الخاصَّة. قال الشاعر (١):

إذا زهَّدَتْني في الهوى خشية الرَّدى ... جَلَتْ ليَ عن وجهٍ يزهِّد في الزُّهد

* * * *


(١) البيت لأبي تمام في «ديوانه مع شرح التبريزي» (٢/ ٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>