للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخوف ــ يدلُّ على أنّ ابتغاء الوسيلة أمرٌ زائدٌ على رجاء الرّحمة وخوف العذاب.

ومن المعلوم قطعًا أنه لا يُنافَس إلّا في قرب من يحبُّ قربه، وحبُّ قربِه تبعٌ لمحبّة ذاته، بل محبّةُ ذاته أوجبتْ (١) محبّةَ القرب منه. وعند الجهميّة والمعطِّلة: ما من ذلك كلِّه شيءٌ، فإنّه عندهم لا يقرُب ذاته من شيءٍ، ولا يقرب من ذاته شيءٌ، ولا يُحَبُّ لذاته ولا يُحِبُّ.

فأنكروا حياة القلوب (٢)، ونعيم الأرواح، وبهجة النُّفوس، وقرّة العيون، وأعلى نعيم الدُّنيا والآخرة. ولذلك ضُرِبت قلوبهم بالقسوة، وضرِبَ دونَهم ودون الله حجابٌ على معرفته ومحبّته، فلا يعرفونه ولا يحبُّونه، ولا يذكرونه إلّا عند تعطيل أسمائه وصفاته، فذِكرهم أعظمُ آثامهم وأوزارهم. بل يعاقبون من يذكره بأسمائه وصفاته ونعوت جلاله، ويرمونهم بالأدواء التي هم أحقُّ بها وأهلها. وحَسْبُ ذي البصيرة وحياة القلب ما يرى على كلامهم من القسوة والمقت، والتّنفير عن محبّة الله ومعرفته وتوحيده. والله المستعان.

وقال تعالى: {(٥١) وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: ٥٢].

وقال أحبابه (٣) وأولياؤه: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [الإنسان: ٩].


(١) ش، د: «وجبت».
(٢) د: «القلب».
(٣) ش: «أحباؤه».

<<  <  ج: ص:  >  >>