للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نوعان:

أحدهما: الرُّخصة المستقرَّة المعلومة من الشَّرع نصًّا (١)، كأكل الميتة والدم ولحم الخنزير عند الضرورة، وإن قيل لها عزيمةٌ باعتبار الأمر والوجوب فهي رخصةٌ باعتبار الإذن والتّوسعة. وكفطر المريض والمسافر، وقصر الصلاة في السفر، وصلاةِ المريض إذا شقَّ عليه القيام قاعدًا، وفطرِ الحامل والمرضع خوفًا (٢) على ولديهما، ونكاحِ الأمة خوفًا من العنت، ونحو ذلك. فليس في تعاطي هذه الرُّخص ما يوهن رغبته، ولا يردُّه إلى غثاثةٍ، ولا ينقص طلبه وإرادته البتَّة، فإنَّ منها ما هو واجب كأكل الميتة عند الضرورة، ومنها ما هو راجحُ المصلحةِ كفطر الصائم المريض وقصر المسافر وفطره، ومنها ما مصلحته للمترخِّص وغيره، ففيه مصلحتان: قاصرة ومتعدِّية، كفطر الحامل والمرضع؛ ففعلُ هذه الرُّخص أرجح وأفضل من تركه (٣).

النوع الثاني: رخص التأويلات واختلاف المذاهب، فهذه تتبُّعها حرام ينقص الرغبة، ويوهن الطلب، ويرجع بالمترخِّص إلى غثاثة الرُّخص؛ فإنَّ من ترخَّص بقول أهل مكَّة في الصَّرْف، وأهل العراق في الأشربة، وأهل المدينة في الأطعمة، وأصحاب الحِيَل في المعاملات، وقولِ ابن عبَّاسٍ في المتعة وإباحة لحوم الحمر، وقولِ من جوَّز نكاح البغايا المعروفاتِ بالبغاء وجوَّز أن يكون زوجَ قحبةٍ، وقولِ من أباح آلات اللهو والمعازف من اليَراع


(١) ل: «أيضًا»، تحريف.
(٢) ش: «إذا خافتا».
(٣) ع: «تركها».

<<  <  ج: ص:  >  >>