للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبوديَّة التي نهايةُ صاحبها أن يُعذَر بزوال عقله وغلبة سكر الحال عليه. فلا بدَّ من مقارنة التعظيم والإجلال لبسط المشاهدة، وإلَّا وقع في الجرأة ولا بدَّ، فالمراقبة تصونه عن ذلك.

قوله: (وصيانة السُّرور أن يداخله أمن)، يعني أنَّ صاحب الانبساط والمشاهدة يداخله سرورٌ لا يشبهه سرورٌ البتَّة، فينبغي له أن لا يأمن في هذا الحال المكرَ، بل يصون سرورَه وفرحَه (١) بخوف العاقبةِ المطويِّ عنه علمُ غيبها، ولا يغترَّ.

وأمَّا (صيانة الشُّهود أن يعارضه بسببٍ (٢))، يريد أنَّ صاحب الشُّهود قد يكون ضعيفًا في شهود حقيقة التوحيد فيتوهَّم أنَّه قد حصل له ما حصل بسبب الاجتهاد التامِّ والعبادة الخالصة (٣)، فينسب حصول ما حصل له من الشُّهود إلى سببٍ منه، وذلك نقصٌ في توحيده ومعرفته لأنَّ الشُّهود لا يكون إلا موهبةً، ليس كسبيًّا، ولو كان كسبيًّا فشهود سببه نقصٌ في التوحيد، وغيبةٌ عن شهود الحقيقة.

ويحتمل أن يريد بالسبب المعارض للشُّهود: ورودَ خاطرٍ على الشاهد يكدِّر عليه صفو شهوده، فيصونه عن ورود سببٍ يعارضه: إمَّا معارض إرادةٍ، وإما معارض شبهةٍ؛ وقد يعمُّ كلامه الأمرين. والله أعلم.

* * * *


(١) في ع زيادة: «عن خطفات المكر».
(٢) ع: «سببٌ»، وهو الذي سبق في المتن مطلع الفصل.
(٣) في الأصل وغيره: «الخاصة»، ولعل المثبت من ع أشبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>