للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسباب المباحة، فإنْ ترَكها لما هو أرجح منها مصلحةً فممدوحٌ، وإلَّا فمذموم.

وقيل: هو إلقاء النفس في العبوديَّة، وإخراجها من الرُّبوبيَّة (١). يريد استرسالها مع الأمر، وبراءتها من حولها وقوَّتها وشهودِ ذلك بها، بل بالربِّ وحده.

ومنهم من قال: التوكُّل هو التسليم لأمر الربِّ وقضائه.

ومنهم من قال: هو التفويض إليه في كلِّ حالٍ.

ومنهم من جعل التّوكُّل بدايةً، والتسليم وساطةً، والتفويض نهايةً.

قال أبو علي الدَّقَّاق - رحمه الله -: التوكُّل ثلاث درجاتٍ: التوكُّل، ثم التسليم، ثم التفويض؛ فالمتوكِّل يسكن إلى وعده، وصاحب التسليم يكتفي بعلمه، وصاحب التفويض يرضى بحكمه؛ فالتوكُّل بداية، والتسليم وساطة، والتفويض نهاية. فالتوكُّل صفة المؤمنين، والتسليم صفة الأولياء، والتفويض صفة الموحِّدين. التوكُّل صفة العوامِّ، والتسليم صفة الخواصِّ، والتفويض صفة خاصَّة الخاصَّة. التوكُّل صفة الأنبياء، والتسليم (٢) صفة إبراهيم الخليل، والتفويض صفة نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم -. هذا كلُّه كلام الدَّقَّاق (٣).


(١) هو قول ذي النون، كما أسنده السلمي في «تفسيره» (١/ ١٧٥) وأبو نعيم في «الحلية» (٩/ ٣٨٠) والبيهقي في «الشعب» (١٢٣٣) والقشيري (ص ٤١٢).
(٢) في الأصل: «التفويض»، وكتب فوقه: «لعله التسليم»، وهو الصواب.
(٣) «القشيرية» (ص ٤١٣، ٤١٥) متفرقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>