للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: تهوين البليَّة بأمرين:

أحدهما: أن يَعُدَّ نعم الله عليه وأياديه عنده. فإذا عجَز عن عدِّها وأيس من حصرها، هان عليه ما هو فيه من البلاء، ورآه بالنِّسبة إلى أيادي الله ونعمه كقطرةٍ من بحرٍ.

الثّاني: أن يذكر (١) سوالف النِّعم التي أنعم الله بها عليه. فهذا يتعلَّق بالماضي، وتعداد أيادي المنن يتعلَّق بالحال، وملاحظة حسن الجزاء وانتظار رَوح الفرج يتعلق بالمستقبل، وأحدهما في الدُّنيا والثاني يوم الجزاء.

ويُحكى عن امرأةٍ من العُبَّاد (٢) أنَّها عثرت فانقطعت إصبعها، فضحكت، فقال لها بعض من معها: أتضحكين وقد انقطعت إصبعك؟ فقالت: أخاطبك على قدر عقلك: حلاوةُ أجرها أنستني مرارة ذكرها (٣). أشارت إلى أنَّ عقله لا يحتمل ما (٤) فوق هذا المقام مِن ملاحظة المُبلي، ومشاهدةِ حسن اختياره لها في ذلك البلاء، وتلذُّذها بالشُّكر له والرِّضا عنه، ومقابلة ما جاء من قِبَله بالحمد والشُّكر. كما قيل (٥):

لئن ساءني أن نلتَني بمساءةٍ ... لقد (٦) سرَّني أنِّي خطرت ببالكا


(١) ع: «تذكُّرُ».
(٢) ع: «العابدات».
(٣) أسند الدِّينَوَري في «المجالسة» (٣٠٦١) عن امرأة فتح المَوصلي الكبير ــ زاهد زمانه ت ١٧٠ ــ نحوه، وليس فيه «أخاطبك على قدر عقلك».
(٤) «ما» سقطت من ش، ج، ن.
(٥) البيت بقافية الكاف المكسورة (ببالكِ) لابن الدمينة في «الحماسة» (٢/ ٦٢)، و «ديوانه» (١٧).
(٦) ع: «فقد».

<<  <  ج: ص:  >  >>